Search
Close this search box.

كلمة الوزيرة

كلمة الدكتورة صورية مولوجي
وزيرة الثّقافة والفنون

نلتقي مرّة أخرى في موعد سينمائيّ مهمّ، وبعودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسّطي تكون مدينة عنابة التاريخيّة قد استرجعت أحد أهمّ مواعيدها الثّقافيّة، وهو ما يسعدنا لأنّ وقائع وظروف العالم قد تسبّبت في تعليق وتأجيل الكثير من الأنشطة والمواعيد الثقافية، ونودّ هنا أن نرحّب بكم أنتم ضيوف المهرجان من أهل الفن والسينما ومن المهتمين والشغوفين بالفن السّابع.
إنّنا لا نعتبر السّينما مجرّد أسلوب في عرض الحكايات والأحلام والرّؤى، هي بالنّسبة لنا إرثٌ، فقد كانت الصّورة أسلوبا أيضا في الثورة التحريرية الكبرى، وقد نشأت السينما الجزائرية وولدت من رحم المقاومة والنضال والالتزام، وتوّجت غير مرّة بإعلاء كلمة الانسان الحرّ والدّفاع عنه وعن حقوقه المشروعة، من هذا المنطلق أودّ أن أشير إلى أنّ اضطرابات العالم اليوم واختلافاته يمكن أن تكون موضوع معالجة في السينما، وبإمكان الأفلام أن تؤكّد أن الانسان مجبرٌ على قبول الآخر المختلف تماما كما هو مجبر على حماية خصوصيّته، وعبر صناعة سينمائيّة أصيلة يمكننا دائما قول خصوصيّتنا وتقديم أفكارنا واحترام الآخر في الوقت نفسه.
إنّ السينما هي خيار فنيّ جماليّ أيضا، ولأجل هذا طبّقت وزارة الثقافة والفنون استراتيجية تكوين متكاملة عبر دورات في السيناريو والكتابة الدرامية، وأنشأت تخصّص الكتابة الدرامية في معاهدها، وهي بصدد افتتاح المعهد العالي للسينما الذي تُستكمل إجراءاته حاليا. لقد استمدّت الجزائر الكثير من القيم من ثورتها ومن التزام الأجداد، وليس غريبا أن النضال الجزائري كان مرتبطا بالفن والجماليات، فكان له أدبه من شعر وسرد وله فنه التشكيلي من رسوم وتشكيل، وله أفلامه، وخلال ذلك تشكّل فهمنا للفن واحترامنا لرسالته.
إنّ رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون يولي الصناعة السينماتوغرافية أهميّة كبيرة، وهو ما دفعنا إلى تسريع وتيرة العمل على أكثر من جبهة، قصد تحقيق إصلاحات شاملة في النصوص التشريعية والمؤسسات المرتبطة بالسينما، واليوم تحوز الجزائر منظومة سينمائية مهمّة تمهّد لانطلاقة جديدة واعدة بفضل رعاية القيادة العليا للبلاد وفهمها لرهانات المستقبل.
وبالعودة إلى مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، فإنّه رهان مهم مرتبط بالموقع والجغرافيا، وبامتدادات السينما الجزائرية، وبالتكامل بين ضفتي المتوسط حيث تُنتج مئات الأفلام المختلفة في التوجهات الفنية والمقاربات الفكرية، ومن المفيد دائما أن تتحاور الأفلام المتوسطيّة على أرض الجزائر التي طالما احتفت بهذا العنصر المهم في تشكّلها عبر التاريخ.
سيكون مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي فرصة للحوار حول السينما بين الفعالين في ضفتي المتوسط والعالم، وسيكون لعودته فرصة للمدينة وللبلد لتحتفي بالسينما وأهلها مجدّدا، لأجل هذا فإنّ وزارة الثّقافة والفنون تقدّم دعمًا كاملا للمهرجان وتنظر إليه كموعد للمحترفين والمبدعين وساحة لتوليد الأفكار بخصوص السينما في الجزائر والعالم.
عنابة ترحبّ بكم،
الجزائر تحتفي بكم،
وستبقى السينما فضاء للإبداع والمحبّة والحوار.